كشف تقرير أعدته شركة "بيتك" للأبحاث عن توقعات بزيادة في أسعار العقارات بالمملكة العربية السعودية خاصة العقار السكنى والادارى خلال الفترة المقبلة في ظل زيادة الإنفاق الحكومي وتوجهات الدولة لمعالجة الفجوة بين العرض والطلب، بالإضافة إلى الإسراع في إقرار تشريعات ونظم وإجراءات أبرزها قانون الرهن العقاري، مما سيوفر قوة دافعة مباشرة لقطاع العقارات بعد أن اتخذت حكومة خادم الحرمين الشريفين حزمة إجراءات عكست اهتماما كبيرا بملف الإسكان، حيث أعلن الملك عبد الله بن عبد العزيز عن خطة لإنفاق 67 مليار دولار لبناء 500 ألف منزل وتحويل هيئة الإسكان إلى وزارة بميزانية تصل إلى 4 مليارات دولار. كما تعهد بزيادة تمويل المساكن بقيمة 15 مليار دولار .
وأشار التقرير إلى أهمية العقار السكنى حيث يتصدر قطاع العقارات في المملكة ويمثل 70 في المئة من اجمالى النشاط العقاري ، ففي الوقت الذي تواجه فيه السعودية نقصا كبيرا في عدد الوحدات السكنية الجاهزة للسكن بسبب الزيادة المطردة في عدد السكان- يتوقع أن يصل عدد سكان السعودية إلى 29 مليون نسمة في 2015- مما سيفاقم من الفجوة الحالية بين العرض والطلب والمرشحة للاستمرار على المديين المتوسط والطويل، خاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار أن الأمر يحتاج 5 سنوات على الأقل لتسليم الوحدات المزمع بناؤها وفق تعهد العاهل السعودي بزيادة تمويل المساكن بقيمة 15 مليار دولار.
وبين التقرير أن الموافقة المتوقعة على قانون الرهن العقاري الذي تم التخطيط له على مدى 10 سنوات ستدفع بالطلب على المساكن والأسعار إلى مستويات أعلى نظرا لزيادة الراغبين في تملك وحدات سكنية خاصة... وفيما يلي تفاصيل التقرير..
قامت المملكة العربية السعودية مؤخرا باتخاذ العديد من تدابير الإصلاح الاقتصادي التي أضفت مزيدا من الوضوح في القوانين والأنظمة، وتهدف هذه التدابير إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير قوة دافعة مباشرة لقطاع العقارات. وقد تمكنت المملكة العربية السعودية، التي تعد الأكبر بين اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، من إحكام سيطرتها على العوامل الاقتصادية حتى في ظل سيناريو الأزمة الحالية بفضل سياستها الحكيمة وثروتها النفطية. ومن المتوقع أن يزداد نمو الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية ليصل إلى 7,5٪ في 2011. كما ويتوقع أن تزداد نسبة التضخم، الذي انخفض إلى 4,7٪ في شهر مارس من أصل 4,9٪ في العام السابق، نظرا لزيادة الإنفاق؛ ولكن لا يتوقع أن تتجاوز نسبة التضخم 6٪.
وبالإضافة لكونها من أكبر اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي حيث يصل تعداد سكانها إلى أكثر من 60٪ من تعداد سكان المنطقة، تشهد السعودية أعلى معدلات في النمو السكاني وعلى مستوى العالم؛ حيث ارتفع عدد السكان من 7,3 مليون نسمة في عام 1975 إلى ما يقارب من 24 مليون نسمة في الوقت الراهن. ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، يتوقع أن يصل تعداد السكان في السعودية إلى 29 مليون نسمة في العام 2015. هذا وقد أدى الارتفاع في تعداد السكان إلى خلق ضغوط هائلة على سوق العقار السكني في البلاد مما فتح المجال أمام أفق فرص نمو كبيرة في قطاعات أخري من العقار.
وبمرور الوقت، يتوقع أن تتمتع المملكة العربية السعودية بأحد أكثر أسواق العقارات السكنية في دول مجلس التعاون الخليجي مرونة، وقوة، وأمانة كما ستواصل أسعار العقارات السكنية التي زادت بمعدل 10٪ سنوياً خلال الفترة ما بين 2002-2005، ارتفاعها على ما كان متوقعاً من أن يظل نمو القطاع العقاري معتدلا بنسبة تصل إلى 5٪ خلال العام 2009 (نظرا إلى التباطؤ العالمي)، لكن ساد الاعتقاد بأن الاعتدال سيكون عابرا ومن المرجح أن تستعيد الأسواق نشاطها بسبب معادلة الطلب والعرض غير المتوازنة. ومن جانبنا فنحن نتوقع، في ظل ازدياد أسعار العقارات، على أساس نسبة الدخل، أن تتغير هذه الأسعار للأعلى عندما يدخل قانون التمويل العقاري حيز التنفيذ ويصبح ساريا.
سوق العقارات السكنية
يتصدر قطاع العقارات السكنية القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية عموماً حيث يصل إلى ما يزيد عن 70٪ من إجمالي النشاط العقاري في المملكة. وتواجه المملكة نقصا هائلا في عدد الوحدات السكنية بسبب الفجوة الضخمة بين العرض والطلب. ويبدو أن الفجوة بين العرض والطلب ستستمر على المدى المتوسط والمدى الطويل حتى بعد الأخذ في الاعتبار توفير 100,000 وحدة سنويا حيث أعلن خادم الحرمين الملك عبد الله عن خطة لإنفاق 67 مليار دولار لبناء 500,000 منزل وتحويل هيئة الإسكان في البلاد إلى وزارة الإسكان بميزانية تصل إلى 4 مليارات دولار. يأتي هذا الإعلان في الوقت تعهد فيه الملك عبد الله بزيادة تمويل المساكن بقيمة 15 مليار دولار إلا أن فترة تسليم هذه الوحدات يمكن أن تمتد لما لا يقل عن خمس سنوات نظرا للوقت الطويل الذي يستغرق عملية تقديم العطاءات، والتصميم، والحصول على الموافقات مع الأخذ في الاعتبار قدرة البناء السعودي الحالي البالغة نحو 120,000 وحدة سنويا.
وكانت الأسعار قد شهدت نمواً ملحوظاً بلغ 100٪ في بعض المواقع الرئيسية ضمن المدن الرئيسية مثل الرياض التي واجهت أيضا تصحيحاً يبدو جليا نتيجة ارتفاع العائد وصل إلى حد 200 نقطة أساس. ويقدر الاعتدال في نمو القطاع العقاري بنسبة 5٪ خلال عام 2009، ومع ذلك، يعتقد أن الاعتدال كان عابرا مع توقع زيادة الأسعار بعد تطبيق قانون الرهن العقاري.
ومن المرجح أن تتم الموافقة قريبا على قانون الرهن العقاري السعودي، الذي تم التخطيط له على مدى العشر سنوات الماضية. وفي الوقت الذي لا يزال الجدول الزمني لتطبيق القانون غير محدد المعالم، فنحن نتوقع تحولا أسرع نظراً لتوجه خادم الحرمين الملك عبد الله الثاني إلى حل القضايا الاجتماعية وقضايا الإسكان بوتيرة أسرع. ومن المتوقع أن يدفع تنفيذ قانون الرهن العقاري السعودي بالطلب على المساكن والأسعار لمستويات أعلى نظرا لزيادة عدد الراغبين في تملك وحدات سكنية خاصة. كما سينتج عن تنفيذ القانون إنشاء شركات خاصة للتمويل العقاري تقدر بـ 32 مليار دولار أمريكي سنويا خلال العقد المقبل، ومشاركة أكثر نشاطا من جانب المؤسسات المالية.
هذا واعتمد مجلس الشورى حزمة مشروع من خمسة قوانين تتصل بالرهن العقاري، حيث يمكن إيجاز مشاريع القوانين على النحو التالي:
• قانون تسجيل الرهن العقاري، الذي ينص على استخدام الرهن العقاري في تمويل العقارات، بما في ذلك تسجيل رهن عقاري من هذا القبيل.
• قانون التنفيذ (التطبيق(، والذي يوسع من سلطة المحكمة في إصدار إنذار قضائي أو أمر تحفظي، بما في ذلك سلطة تطبيق مثل هذه الأحكام القضائية.
• قانون التأجير التمويلي، وهو القانون الذي ينظم تأسيس، وأنشطة، وإدارة شركات التأجير التمويلي؛
• قانون التمويل العقاري، الذي ينظم تأسيس، وأنشطة، وإدارة الشركات العاملة في مجال التمويل العقاري؛
• قانون مراقبة شركات التمويل، الذي ينظم تأسيس، وأنشطة، وإدارة شركات التمويل.
توفر حزمة القوانين التي تتصل بالرهن العقاري وبشكل أساسي إطارا واضحا لتمويل شراء العقارات السكنية والتجارية الأمر الذي سينتج عنه زيادة الثقة والمصداقية في مجالات الأعمال التجارية عموماً، وبالتالي، إيجاد ثقة أكبر في هذا القطاع وتيسير توفير التمويل لهذا القطاع ومن بين الفوائد الأخرى التي توفرها هذه الحزمة:
• زيادة ثقة المطورين العقاريين والمشترين والمستثمرين الأجانب؛
• زيادة السيولة في سوق تشح فيها السيولة؛
• الحد من الغموض، وبالتالي الحد من المنازعات وتوفير قدر أكبر من الاستقرار في المعاملات؛
• تخفيض تكاليف المعاملات من خلال عمليات أكثر وضوحا وأكثر كفاءة؛
• تمكين السعودية من تبني أفضل الممارسات الدولية في مجال العقارات.
يذكر في هذا السياق أن خادم الحرمين الملك عبد الله تعهد بزيادة تمويل المساكن بقيمة 15 مليار دولار وبالإضافة إلى ذلك، نجح مجلس الشورى في إزالة عقبة أدت إلى تعطيل إقرار قانون الرهن العقاري لمدة شهور وذلك في 27 مارس من خلال تمرير وإرساء القواعد التي تُعرف مقدم القرض على أنه مالك العقار بدلا من كونه المقترض الأمر الذي سيخلق سلاسة في عملية تطبيق الرهن وإزالة الغموض القانوني الذي حال دون قيام المصارف والبنوك بمنح القروض. كما وقام المجلس بحل خلافات حول التورق العقاري ووافق على تبني عقوبات تطبق في حالة انتهاك القواعد. وعملا بالقانون الجديد، ويناط بكل من خادم الحرمين الملك عبد الله ومجلس الوزراء المسؤولية عن أية تغييرات أخرى وإعطاء الموافقة النهائية للحد من الروتين الحكومي.
وينبغي أن يدفع الأثر الإيجابي الحاصل في سوق التمويل العقاري السعودي كلا من مجلس الشورى والحكومة السعودية لتنظيم الوضع وبمزيد من الإلحاح. ووفقا لمراقبين صناعيين، يبلغ إجمالي التمويل الرئيسي غير المسدد الذي قدمه القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية أقل من 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي بالمقارنة مع أكثر من 50٪ في معظم البلدان المتقدمة، وحوالي 6٪ في الكويت و7٪ في دولة الإمارات العربية المتحدة.
سوق المكاتب التجارية
يوجد لدى المملكة العربية السعودية مساحة من المكاتب التجارية التي تقدر بـ 8 مليون متر مربع يتوقع أن تزداد بنسبة 20٪ إلى 30٪ بحلول عام 2012. وتعتبر الرياض بمثابة الحي التجاري الرئيسي في السعودية حيث تشكل حوالي 50٪ من مساحة المكاتب التجارية، تليها مدينة جدة. وتزدحم معظم المناطق التجارية بشدة، حيث يعتبر تطوير مساحات لمكاتب تجارية متعددة الاستعمالات أمرا شائعا. وعلى الرغم من وجود أكبر مساحة للسوق في المملكة في الرياض، فإن العرض لا يفي بالطلب على جميع فئات الأعمال. وتهدف المدينة إلى توفير حلول عالمية المستوى في مجال مساحات المكاتب التجارية من خلال تطوير مركز الملك عبد الله المالي الذي يُتوقع أن يكون أكبر مركز مالي في الشرق الأوسط حيث يمتد على مساحة 1,6 مليون متر مربع ويوفر مساحة أرضية تقدر ب 3,3 مليون متر مربع.
وتتوزع مساحة المكاتب في أماكن أخرى في المملكة على طول الطرق الرئيسية. كما وكانت عملية تطوير المكاتب في جميع أنحاء المملكة قد شهدت تسارعا في العامين الماضيين مع نسبة كبيرة منها ذات جودة عالية. ومع ذلك، فإن الغالبية العظمى من مباني المكاتب تعتبر ذات جودة بينما تتراوح معدلات الإشغال بين 75٪ و 95٪.
ويتوقع أن تتوفر حوالي 558,000 وحدة من وحدات المكاتب في المملكة بحلول نهاية العام القادم حيث أنه من المرجح أن تؤثر ذلك العرض على معدلات الإشغال والإيجار. ويتوقع أن تكون الرياض الأكثر تضررا من العرض الإضافي وذلك لوجود أعلى معدلات للإيجارات في المملكة فيها. ومن المتوقع أن تحافظ معدلات الإشغال في جدة والدمام على قوتها نظرا للنقص الكبير الحاصل في السوق، ووجود أعلى مستويات للإشغال فيها.
سوق خدمات الضيافة
تهيمن السياحة الدينية والمحلية على نطاق واسع من صناعة سوق خدمات الضيافة في المملكة، وبالتالي تظل صناعة الضيافة إلى حد ما مرنة في ظل الأزمة. ومن بين ما مجموعه 30 مليون رحلة هناك أكثر من 15 مليون رحلة محلية لغرض السياحة الدينية، وأكثر من 50٪ من السياح القادمين يأتون لأغراض دينية. ونحن نعتقد بأن يواصل قطاع الضيافة في المملكة العربية السعودية نموه لتسيطر عليه مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة.
ومن هنا فإنه من المتوقع أن يحافظ قطاع الضيافة في المملكة العربية السعودية على مرونته خلال الأزمة المالية الحالية حيث أن تظل السياحة الدينية في مأمن من التذبذبات الاقتصادية. وستدعم خطط التنمية في المدينتين الشريفتين الأداء القوي لقطاع الضيافة على المدى المتوسط والبعيد (بعد عام 2011). وتعتبر الخطوات الأولية التي اتخذتها الحكومة نحو تطوير السياحة الدينية مشجعة جدا، وهناك احتمال وجود طلب كبير مع أنه لم يتم استكشاف هذا الجانب إلا جزئيا حتى الآن. ونظرا لعدم كفاية العروض الحالية، فإن صناعة الفنادق تتمتع بإمكانية تحسن ونمو كبيرة داخل المملكة. وبفضل التسهيلات في الإجراءات الجديدة لمنح تأشيرة العمرة، يستطيع أي زائر من أي دولة زيارة المملكة، مما يسمح في نهاية المطاف بانتشار أكثر للزوار، وهذا يعني نسبة إشغال أكثر توازنا وانتظاماً على مدار السنة.