اشار تقرير اصدرته شركة "بيتك للابحاث" المحدودة التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتى "بيتك" ان آسيا تمتلك إمكانات هائلة لنمو التمويل الإسلامي نظرا للفرص ذات القيم الفريدة التي تتمتع بها القارة، ويمكن الاستفادة من التمويل الإسلامي واستخدامه لأغراض زيادة التكامل بين الأسواق المالية في الاقتصاد الحقيقي وتحسين التوازن الاقتصادي بين الأسواق الناشئة والأولية. ومن المرجح أن تلعب آسيا دور المحرك الرئيس لنمو الخدمات المصرفية الإسلامية في المستقبل القريب نظرا للإمكانات غير المستغلة في بلدان مثل إندونيسيا وبنجلاديش والهند، فضلا عن زيادة تغلغل وانتشار هذه الصناعة في ماليزيا وباكستان. وكانت السيطرة في بادئ الأمر للمنتجات والخدمات المصرفية الإسلامية، ثم وسع التمويل الإسلامي من دائرة العروض التي يقدمها حول العالم ليغطي أسواق التأمين وأسواق رأس المال المتوافقة مع الشريعة الإسلامية (والتي تشمل بشكل رئيس الصكوك و إدارة الصناديق الإسلامية). وبعد تحقيق التمويل الإسلامي لمعدلات جوهرية من النمو في جميع قطاعاته في آسيا، وكما في نهاية 2013، بلغ مجموع أصول التمويل الإسلامي في المنطقة 391.2 مليار دولار بما يساوي 22% من أصول التمويل الإسلامي في جميع أنحاء العالم. وتتميز مكونات التمويل الإسلامي في آسيا بأنها ذات طبيعة متوازنة بشكل مميز – وخاصة بين قطاعات الخدمات المصرفية الإسلامية والصكوك – حيث تحتل الخدمات المصرفية الإسلامية نحو 49% من إجمالي أصول التمويل الإسلامي في آسيا يليها الصكوك بنسبة 45% ثم الصناديق الإسلامية بنسبة 5% وأخيراً التكافل بنسبة 1%.
ومن الجدير بالذكر أن ماليزيا تلعب دور القائد لهذه الصناعة في المنطقة، بل إن ماليزيا هي الرائدة عالمياً في صناعة التمويل الإسلامي، خاصة في مجالات مثل الخدمات المصرفية الإسلامية والصكوك والصناديق الاستثمارية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. ولا يزال قطاع التمويل الإسلامي الماليزي قوياً ومستمراً في تحقيق استدامة في النمو يدعمه في ذلك قوة البيئة التنظيمية والمبادرات الحكومية المتعددة التي تهدف إلى فتح أحدث الإمكانات أمام التمويل الإسلامي. ويمثل القطاع المصرفي الإسلامي في البلاد الآن نحو 25.7% من إجمالي أصول النظام المصرفي في ماليزيا. كما تقود ماليزيا أسواق الصكوك العالمية حيث تمثل ما نسبته 63% من إصدارات الصكوك الجديدة و 58.8% من الصكوك العالمية القائمة كما في الربع الأول من 2014. كما إن هناك 287 صندوقاً إسلامياً تتخذ من ماليزيا مقراً لها، وهو أكبر عدد من الصناديق تجتمع في بلد واحدة. هذا وقد شهد قطاع التأمين التكافلي الماليزي نمو بنسبة 10% من حيث إجمالي أصول صناديق التكافل، في الوقت الذي وصل فيه إجمالي مساهمات التكافل 14% من إجمالي الأقساط والاشتراكات في صناعة التأمين والتكافل الكلية في البلاد.
واصل نمو الأصول في القطاع المصرفي الإسلامي الماليزي تفوقه على نظيره في القطاع المصرفي التقليدي وذلك بعد أن شهد معدلات نمو تتكون من رقمين (في خانة العشرات). ففي عام 2013، نما قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية بنسبة 16.5% ليمثل 25.7% من إجمالي أصول النظام المصرفي الماليزي الكلي ليصل إلى 556 مليار رينجيت كما في نهاية 2013. وفي الفترة ما بين عامي 2009 و 2013، نمت اصول القطاع المصرفي الإسلامي بمعدل نمو سنوي مركب قدره 16.4%. وفي المقابل، نمت أصول النظام المصرفي العام في البلاد بمعدل نمو سنوي مركب قدره 8.8% خلال نفس الفترة. ونمت إجمالي عمليات التمويل من قبل القطاع المصرفي الإسلامي بمعدل نمو سنوي مركب قدره 18.7% وهو معدل صحي للغاية وذلك ما بين 2009 و 2013 أيضاً، وكان التمويل يتم بصورة أساسية باستخدام الودائع. ويعد ارتفاع معدل السيولة في السوق من الركائز الأساسية لنمو التمويل الإسلامي. ونما إجمالي ودائع البنوك الإسلامية في ماليزيا بمعدل نمو سنوي مركب قدره 16.6% خلال نفس الفترة، وبلغ إجمالي الودائع الإسلامية 436.3 مليار رينجيت (132.96 مليار دولار) كما في نهاية 2013، بمعدل نمو سنوي قدره 13% للسنة.
وتتمتع ماليزيا بشهرة عالمية كقائد للنمو وأحد البلدان المحفزة لسرعة نمو قطاع الصكوك ضمن صناعة التمويل الإسلامي. ونظراً لامتلاكها لسوق متينة من الصكوك الأولية وسوق نشطة من الصكوك الثانوية، فإن ماليزيا تعتبر بمثابة المركز العالمي من حيث إصدارات الصكوك الجديدة وكذلك الصكوك القائمة. وتحافظ سوق الصكوك الماليزية على صدارتها باعتبارها أكبر موطن لإصدارات الصكوك منذ الانطلاق الرسمي لإصدارات الصكوك في بداية 2001 وحتى الوقت الراهن. وفي الفترة ما بين 2008 والربع الأول من 2014، حافظت الصكوك الماليزية القائمة استحواذها على نسبة تتراوح ما بين 58% إلى 63% من الصكوك العالمية القائمة خلال تلك الفترة. أما من حيث الحجم، فقد نمت الصكوك الماليزية القائمة بمعدل سنوي مركب نسبته 20.65% بين عامي 2008 و 2013. وحتى الوقت الراهن، تنفرد سوق الصكوك الماليزية بكونها السوق الوحيدة التي تتجاوز الصكوك القائمة فيها حاجز الـ 100 مليار دولار بفارق كبير عن المركز الثاني والذي تشغله المملكة العربية السعودية والتي تبلغ الصكوك القائمة فيها 42.3 مليار دولار كما في الربع الأول من 2014.
قامت الحكومة الماليزية بالاقتراض بصورة نشطة لسد احتياجات ميزانيتها وذلك من خلال إصدار الصكوك السيادية في الوقت الذي ينشط فيه البنك المركزي في البلاد فيما يتعلق بإصدار الصكوك القياسية طويلة الأجل من أجل تقديم الإرشادات للمشاركين في السوق فيما يتعلق بتفاصيل التسعير. وعلى نحو بالغ الأهمية، أظهر القطاع الخاص في ماليزيا اهتماماً متزايداً في جمع الأموال عن طريق أسواق رأس المال الإسلامية. فخلال السنوات الأخيرة، استغلت كبرى شركات التطوير العقاري والإنشاءات سوق الصكوك في ماليزيا لجمع الأموال بغرض الإنفاق الرأسمالي. ونظرا لقوة سوق العقارات في ماليزيا، وخاصة في بعض المناطق مثل وادي كلانج وبينانج وجوهور، فإن مطوري العقارات يتوسعون في أعمالهم بصورة هائلة، وبالتالي هناك طلب كبير ومتزايد على التمويل. وقد شارك في الإصدارات الأخيرة بعض كبار المطورين وشركات عقارية رائدة مثل يو.إي. إم. صن رايس، و إس بي ستيا، و بوستيد هولنجز. حيث قامت يو.إي. إم. صن رايس بإصدارات صكوك يصل إجماليها إلى 410 مليون دولار في 2012 و 2013، كجزء من برنامج صكوك مرابحة بإجمالي مبلغ 0.6 مليار دولار تم إطلاقه في 2012 . وقد تم استخدام هيكل المرابحة في كلا الإصدارين من الصكوك.
إن سوق الصكوك الماليزية لم يتم استغلالها فقط من قبل مصدري الصكوك المحللين ولكن استفاد من إصداراتها أيضاً عدد من مصدري الصكوك الأجانب من خلال إصدار صكوك مقومة بالرينجيت الماليزي في ماليزيا. ومنذ 2013، تم إصدار ما لا يقل عن ستة إصدارات من الصكوك المقومة بالرينجيت الماليزي من قبل مصدرين أجانب في ماليزيا والتي كان آخرها في مارس 2014 عندما قامت إحدى شركات زيت النخيل السنغافورية المدرجة بطرح صكوك بمبلغ 500 مليون رينجيت ماليزي. ومن بين أهم الأسباب التي تعمل على جذب مصدري الصكوك من الأسواق الخارجية إلى السوق الماليزية كون البلاد تتمتع بقاعدة عريضة من المستثمرين الذين يعملون وفقاً لأحكام الشريعة. كما تتميز ماليزيا بازدهار صناعة التمويل الإسلامي لديها في جميع القطاعات بما في ذلك الخدمات المصرفية والصناديق وإدارة الأصول وكذلك التأمين التكافلي، وهذا من شأنه أيضاً ضمان وجود طلب من الاستثمارات المؤسسية على الصكوك المصدرة في البلاد.
علاوة على ما سبق، تمثل ماليزيا مثالا مشجعاً جديراً بأن تحتذى به البلدان الأخرى في تطوير وتنمية اسواق رأس المال الإسلامية الخاصة بهم. وقد سمح النهج الشمولي الذي تتبعه ماليزيا في إطار سعيها لضمان سلامة الأطر القانونية والتنظيمية والاحترازية جنباً إلى جنب مع خلق بنية تحتية مواتية تمكنها من تشجيع وتحفيز إصدار وإدراج وتداول الأدوات الإسلامية في أسواق المال المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية من أن تصبح ماليزيا بمثابة إحدى البلدان الرائدة في صناعة أسواق المال الإسلامية على المستوى العالمي. واستناداً إلى آخر الإحصاءات الصادرة عن لجنة الأوراق المالية الماليزية، تبلغ سوق رأس المال الإسلامية الماليزية 1.5 تريليون رينجيت ماليزي (459.6 مليار دولار) كما في نهاية 2013. وبعد منهجية الفحص المنقحة، فإن 71.4% من الشركات المدرجة في بورصة ماليزيا والتي تمتلك مجتمعة قيمة سوقية بإجمالي 1.03 تريليون رينجيت ماليزي تعتبر متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. كما تقدر الأصول المدارة ضمن صناعة إدارة الصناديق الإسلامية في البلاد بنحو 97.5 مليار رينجيت (29.88 مليار دولار) بينما تبلغ صافي قيمة أصول صناديق توظيف الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية 42.8 مليار رينجيت (12.87 مليار دولار).